الخميس، 19 ديسمبر 2013

مادة القانون الدولي الخاص

مادة القانون الدولي الخاص

مما لا شك فيه أن أي واقعة قانونية بين أطراف من بلد واحد يحكمها القانون الوطني للبلد كما لو كان الشأن بالنسبة لواقعة طرفاها مغربيين فإن القانون الذي سيحكم هذه الواقعة هو القانون المدني المغربي إلا أن تدخل أي عنصر أجنبي سيجعل العلاقة أجنبية مما يتحتم معه ضرورة الإلتجاء للقانون الدولي الخاص للفصل في الواقعة وبالتالي تطبيق القانون الأمثل والأنسب ونضرب لذلك مثلا : رجل فرنسي تزوج من بلجيكية في الولايات المتحدة الأمريكية وأقاما بالمغرب ونشب بينهما خلاف أثناء إقامتها بالمغرب فإننا سنكون أمام مجموعة من القوانين المختلفة، القانون الفرنسي والبلجيكي والأمريكي والمغربي فيجب خلال هذه الحالة الرجوع إلى قواعد القانون الدولي الخاص للحسم في المسألة من خلال اختيار القانون الأنسب، ومثل هذه الحالات تعرف بتنازع القوانين فالقاضي المغربي إذا ما رفعت إليه هكذا قضايا فإنه يرجع إلى قواعد القانون الدولي الخاص للنظر في القوانين وتطبيق أنسبها من خلال تطبيق قواعد الإسناد *
وهي القواعد التي تسند إليها النازلة لمعرفة القانون الواجبة التطبيق وهي قاعدة وطنية ملزمة للقاضي .
وقد بين الأستاذ أن القضاة في وقت مضى كانوا يجدون صعوبة في العثور على قوانين بعض البلدان التي يكون أحد أطراف النزاع منتميا لها فيضطر معها القاضي للاتصال بالنيابة العامة التي تستشير وزير العدل الذي بدوره يستشير وزير الخارجية الذي يتصل بالملحقة الثقافية بالقنصليات أو التمثيليات الديبلوماسية التي تمده بدورها بهذا القانون ليمد وزير العدل الذي يمدها بها النيابة العامة التي تمد القاضي أما الآن فالأمور تغيرت أمام وفرة وسائل الإتصال الحديثة وقد يلجأ القاضي أيضا بتكليف طرف النزاع بجلب هذا القانون كوسيلة من وسائل الإثبات .

طبيعة القانون الدولي الخاص : 

كما سبق الذكر فإن القانون الدولي الخاص يعالج 5 مواضيع أساسية وهي :

1- تنازع القوانين .
2- تنازع الإختصاص .
3- الوضعية المدنية للأجانب .
4- أحكام الجنسية .
5- أحكام الموطن.

إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو : ماهي طبيعة القانون الدولي الخاص أهو فرع من فروع القانون العام أم فرع من فروع القانون الخاص ؟
للإجابة على هذا السؤال انقسم فقهاء القانون إلى مذهبان أو منهجيتان : 

1/ المنهجية الإستغراقية القائمة على قاعدة تغليب الغالب .
2/ المنهجية التحليلية الأستقلالية التكافئية .

فأصحاب المنهجية الأولى يعتبرون أن موضوع التنازع ( تنازع القوانين) هو الغالب أما باقي موضوعات القانون الدولي الخاص ليست بأهمية موضوع التنازع ولا تشغل الحيز الذي يشغله فلينفذوا إلى القانون الدولي الخاص يلجأون للموضوع الغالب ولا حاجة في نظرهم لباقي المواضيع ( ما يسري على الجزء الغالب يسري على الكل ) إلا أنهم انقسموا على أنفسهم إلى فريقين في مسألة تحديد طبيعة التنازع :
~ موضوع التنازع هو الحسم وحل النزاع أو التنازع بين السيادات التشريعية للدول المختلفة ( المثال 1 : فرنسي بلجيكية أمريكي مغربي ) فيرون أن التنازع هنا تنازع بين سيادات تشريعية مختلفة وهي تدخل بالضرورة ضمن نطاق القانون العام .
~ الأمر لا يتعلق حسب وجهة نظر الفريق الثاني بنزاع بين سيادات تشريعية بل الأمر أصلا ليس فيه تنازع وبالتالي يستهجنون مصطلح التنازع فهو يوحي للحرب بين القوانين بل كل ما هنالك أننا أمام نازلة لها تماس واتصال بين أكثر من منظومة قانونية ( المثال) هذه المنظومة لها أربعة علاقات بين منظومات مختلفة وليس هناك صراع ولا يجب أيضا الخضوع إلى كل هذه المنظومات بل اختيار منظومة واحدة عن طريق اختيار القانون اأصلح والأنسب بسبر أغوار وتحليل علاقة هذه الرابطة بكل واحد من المنظومات المحيطة بها أي أين تتركز أكثر وبالتالي البحث عن مركز الثقل ليسقط فوق منظومة واحد وقد مثل الأستاذ لذلك من خلال توضيح المثال الأول : الزوج الفرنسي لا يعدو أن يكون في الأصل مغربيا وصل لفرنسا بطريقة ما وحصل على جنسية البلد والزوجة البلجيكية أيضا أصلها مغربي وصلت لبلجيكا بطريقة ما وحصلت على جنسيتها والتقيا بالصدفة في الولايات المتحدة الأمريكية إما في جلسة عمل أو رحلة استكشافية وتزوجا هناك ثم رجعا ليقيما في المغرب الأصل الذي يربطهما ولهم علاقة وطيدة به على عكس ما يربطهم ببلد الجنسية ) فالقانون الأنسب حسب هذه الحالة هو القانون المغربي لاشتراكهما فيه ولما لهم به من علاقة وطيدة وحقيقية وبالتالي فهذا الفريق لا يرى أي نزاع إنما يتعلق الأمر بالبحث عن الحل الموضوعي وبالتالي يرون أنه ينتمي للقانون الخاص حيث يتم تحري المصلحة الخاصة للأطراف.

أما بالنسبة لأصحاب المنهجية التحليلية الاستقلالية التكافئية فينظرون لموضوعات القانون الدولي الخاص نظرة تحليلية استقلالية متكافئة كما يدل على ذلك الإسم فيفرقون بذلك كل موضوع عن الآخر ولا يهتمون لا بحجم ولا أو من يغلب بل يرون أنها كلها موضوعات مستقلة متكافئة من حيث القيمة القانونية فيحللون كل موضوع بعينه 
ـ في موضوع التنازع ( تنازع القوانين ) انقسموا أيضا فيرون أنه إن كان يرتبط بالسيادة فهو فرع من فروع القانون العام وإن كان يرتبط بالمصلحة الشخصية فهو فرع من فروع القانون الخاص .
ـ الوضعية المدنية للأجانب التي لها صلة وثيقة بل ما يتعلق بدخولهم وإقامتهم واشتغالهم ووو تحكمه إكراهات كثيرة سياسية واقتصادية وديموغرافية وتم الحديث عن دولة جاذبة ودولة غير جاذبة فالأولى التي تعرف غنى طبيعيا من حيث الثروات وفقرا ديموغرافيا من حيث التعداد السكاني فهي تسهل دخول الأجانب وتوفر امتيازات والثانية تعرف فقرا طبيعيا من حيث الثروات وغنى ديموغرافيا هنا لا يمكن الحديث عن جذب وامتيازات لإكراهات مرتبطة بالشق الديموغرافي مثل البطالة .... وبالتالي فالمصلحة العامة هي التي تتدخل وبالتالي سيكون هذا الموضوع جزءا لا يتجزأ من القانون العام.
ـ أحكام الجنسية : ففيها نميز بين المواطن والأجنبي والشروط التي تمنح من خلالها الجنسية وكيفية نزع الجنسية ووو فهي بذلك أداة لتعيين من يدخل في نطاق منظومات البلد ( الشعب ) كمكون أساسي من مكونات الدولة إلى جانب الإقليم والسيادة فتدخل حسب هذا الأساس في القانون العام.
ـ أحكام الموطن ينطبق عليها نفس ما ينطبق على أحكام الجنسية .
فنخلص إلى أن القانون الدولي الخاص ذو طبيعة مزدوجة وبالتالي فمواضيعه تدور بين فلك القانون العام والقانون الخاص .

مصادر القانون الدولي الخاص :

أما مصادر القانون الدولي الخاص فلابد من التمييز فيها بين المصادر الوطنية ( الداخلية ) والمصادر الخارجية ( الدولية ) 

1* الوطنية ( الداخلية ) : 

العرف حيث كان العرف في الأصل هو أساس القانون الدولي الخاص وينجز قواعده أي هو المصدر الأساسي .
التشريع : ساهم أيضا في بلورة قواعد القانون الدولي الخاص وهو الذي تبوأ مركز الصدارة ليصير المصدر الرئيسي والأساسي لسن قواعد القانون الدولي الخاص ..
الإجتهاد القضائي .

2* الخارجية ( الدولية ): 

وتتمثل في المعاهدات والإتفاقيات الدولية التي تبرمها الدول فيما بينها لتنظم بها شأنا من شؤونها كتنظيم الجاليات أو الإتفاق حول تسليم المجرمين و مراقبة الحدود وضبط الصادرات والواردات ... وهي قد تكون اتفاقيات ثنائية وقد تكون متعددة الأطراف مثلا : اتفاق مغربي إسباني / اتفاق توقعه مجوعة من الدول .
وقد تكون أيضا منغلقة إذا اقتصرت على أطرافها فقط وقد تكون منفتحة قابلة لانضمام أي دولة توافق على بنودها وتوقع عليها .

موضوع الجنسيــــــــــة :

لدراسة الجنسية لابد من التطرق لها من خلال محورين رئيسين :
المحور الأول : الأحكام العامة أو النظرية العامة للجنسية
-تعريفها وعناصرها وأطرافها ومسألة تنازع الجنسيات 
المحور الثاني : أحكام الجنسية المغربية والذي يضم :
الأاشخاص الذاتيين الطبيعيين
الأشخاص الإعتباريين المعنويين

تعريف الجنسية : 

للجنسية تعريفات كثيرة إلا أن أهمها هو ذاك الذي يراعي العنصرين القانوني والسياسي ويعرفها على أنها علاقة قانونية وسياسية تجمع بين فرد من الأفراد الذاتيين أو المعنويين وبين دولة من دول المعمور .
والجنسية تقوم على عناصر مادية وعناصر روحية ونفسية .

أطراف الجنسية :

للجنسية طرفان : الطرف المانح والطرف الممنوح أو المتلقي للجنسية، فالطرف المانح هو الدولة ولا يمكن الحديث عن جنسية ممنوحة من طرف أي هيأة أو مأسسة أو كيان حزبي أو نقابي لأن الدولة هي الوحيدة المستفردة بمنحها ولذلك يشترط في الدولة لمنح الجنسية أن تستكمب مقومات الدولة من سيادة وإقليم وشعب فكل دولة استكملت هذه العناصر الثلاث يمكنها منح جنسيتها لشعبها ولا يقدح في الدولة أن تكون ناقصة السيادة أو مكلومة السيادة إذا ما كانت تحت وطأت الإستعمار أو الإنتداب أو الحماية .
أما الطرف الممنوح فيمكن الحديث عن 5 أشخاص ذاتيين ومعنويين

1~ فهي تعطى للأشخاص الذاتيين الطبيعيين سواء كانوا ذكورا أو إناثا فهي تعتبر مقوما من مقومات الشخصية القانونية إلى جانب الإسم والنسب والسن والعنوان ووو
2~ وتعطى أيضا للأشخاص الإعتباريين والمعنويين كالشركات والأحزاب والطوائف والمنظمات الجهوية والإقليمية .
3~ وتعطى أيضا لبعض الأموال المنقولة استثناءا كالسفن والطائات وهي جنسية الدولة التي تسجل فيها وتحمل علمها .
4~ وتعطى أيضا لبعض المسلسلات والأعمال السينمائية لأنه لا بد فيها من ترخيص للدخول هذا الترخيص يقوم مقام التأشيرة.
5~ وتعطى أيضا للمركبات الفضائية .

التنازع بين الجنسيات :

يكون لكل دولة أن تمنح أو تنزع الجنسية كما تريد وكذلك إثباتها إلا أن ذلك قد يؤدي إلى فوضى ونمثل لذلك بقانون الجنسية المغربي الذي كان إلى وقت قريب أي سنة 2007 يشترط أن يكون الممنوح من أب مغربي فقط سواءا كانت الأم مغربية أم لا وسواءا ولد بالمغرب أو خارجة فهو بذلك قانون ذكوري بامتياز فيبقى الطفل من الأم المغربية معلقا وبعد سنة 2007 تم تعديل القانون ليشمل الطفل من أب أو أم مغربية .
وهناك دول لا تقرنه بالأب والأم إنما بالرابطة الترابية فكل مولود ازداد على أرضها يمنح جنسيتها كالولايات المتحدة الأمريكية وهناك دول تأخذ بالمعيارين معا .
وينتج عن هذا أن بعض الأشخاص يتمتعون بأكثر من جنسية بينما البعض قد لا يتمتع بأي جنسية كما لو كانت دولة الأب تشترط لمنح الجنسية أن يولد المولود فوق أرضها وكذا الشأن بالنسبة للأم إلا أن المولود ولد بأرض لا تأخذ بمعيار الرابطة الترابية كالمغرب فالمولود في هذه الحالة لن يحصل على أي جنسية .

وينشأ عن هذا نوعين من التنازع : 

1 ° التنازع الإيجابي للجنسيات : الذي مثلنا له في الأول أب فرنسي وأم بلجيكية ولد بأمريكا فهو سيحصل على 4 جنسيات فرنسية وبلجيكية ,امريكية ومغربية على اعتبار أصل أبويه .

2 ° التنازع السلبي للجنسيات : الذي مثلنا له في المثال الأخير ويسمى بعديم الجنسية لأنه لم يستكمل الشروط لا المتعلقة بالأب ولا المتعلقة لالأام ولا المتعلقة بالموطن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق